افتتاح مركز ابو ادم الثقافي بالكلاكلة وتابين الراحل حميد
رصد ومتابعة : مصطفى إبراهيم
تحبين محمد الحسن حميد
شهد مركز أبوادم الثقافي يوم السبت الموافق18 مارس وسط حضور مقدر يظهر فيه تنوع انسان السودان.
في احتفائية بإعادة افتتاح المركز ، وذكرى رحيل القامة شاعر الوطن محمد الحسن سالم حُميد، ليلة من ليالي الخرطوم بالليل كما يحلو لساكني الخرطوم ومحبي الزمن الجميل تسميتها.
وسط حضور مقدر يظهر فيه بوضوح تنوع وجمال انسان السودان.
الخرطوم المدينة التي كانت تضج بالحياة ليلًا، من ليالي ثقافية ومناشط وجلسات عامرة بالاُنس قبل أن تتحول لحالة من عدم الأمن والأمان وبؤس الحياة ، وأصبحت تلك العاصمة التي تنام باكرًا بعد أن طالها الرهق.
أعاد لنا من جديد مركز أبوادم الثقافي بمقره بالخرطوم جنوب “حي أبوادم” في احتفاله بإعادة افتتاحه بعد أن أغلق قهرا من قبل السلطات ، ولكن لابد للفجر أن يعاود الظهور حتى وإن تمكن الظلام وطالت الليالي الحالكات، وتم تغيب متعمد لدور المراكز الثقافية ومثل هذه الأمسيات حتى تظل هذه الحالة من حالات الجهل وعدم الوعي بأبسط حقوق الإنسان في أن ينعم بحياة كريمة على هذه الأرض ووعي مستحق لأن الجاهل كما يقال في عاميتنا “عدو نفسه “.
وتسهل من خلال هذه النفاجات من الجهل والتجهيل أن تمرر كل السياسات والاجندة المعدة مسبقآ التي تجعل آخرين مستأثرين بالسلطة وكأنهم مخلدين في هذه الحياة،
وآخرين يتجرعوا المعاناة.
عاد وعاد أقوى بذكرى رحيل شاعر الوطن حُميد، وهو عود أحمدُ وموفق.
في أمسية من أمسيات الخرطوم القديم وزمنها الذهبي في فعالية مختلفة شهدت إبداع وصل عنان السماء تحدث في افتتاحية الأمسية الجميل المبدع الشاعر وهيب بكرى وتناول تجربة حميد عبر سياقات تاريخية وان حميد هو امتداد طبيعي لتلك الحقبة من الزمان التي نشأ فيها من تاريخ السودان النضالي والثوري بدءا بالأفندي خليل فرح ومرورا بحركات التحرر من المستعمر ووصولا إلى حقبة حميد اي انه امتداد طبيعي لذلك الحس الوطني.
وهيب بكرى له اسلوبه الماتع في الثرد لا يمل حديث هذا الرجل ولولا عامل الزمن والاحترافية والعدالة في توزيع الفرص لما تمنينا أن يصمت.
جاء من بعده الأنيق والفنان الإنسان محمد عبدالوهاب وهو أحد الشباب المغنيين صاحب إمكانيات صوتية وقدرة على التطريب العالي والمغاير لأبناء جيله وكأنه أتانى من الماضي من عصر مصطفى سيد أحمد له اسلوب غنائي فريد وملكة في تطويع آلة العود كما يحلو له يفعل بها ما يشاء تطاوعه بجمال الألحان ويجبرك على الإنصات والغوص في عمق اللحن والكلم الجميل.
تسلق من بعده المسرح شباب جميلين من أبناء هذه الثورة مشبعين بروحها لا يعتريهم أدنى خوف ملئين بسالة وشموخ، ترنموا بقصائد حُميد وكأننا لأول مرة نسمعها من جمال وحسن الإلقاء.
أيضا في فقرة شعرية أخرى من نوع آخر مختلف ومبهر، قدم شاب ذو ملامح تضج حياة وجمال وتشع ذكاء اسمه معاذ عوض شعر متزن وبليغ وبلغة موقلة في البساطة وعميقة البُعد ، شاعر دعوني اقول انه حُميد السودان القادم لا ابُالغ، ولكن كل من كان هناك يؤكد على ذلك.
اما ختام الأمسية كان عبر وصلة غنائية عبر هرم جمالي آخر شاب اسمه رشاد عماد هو فعلا عماد للأغنية السودانية وركيزة مستقبلية لها من خلال ما يقدم من جمال الصوت والأداء والاختيار الأكثر من موفق في اختيار ما يناسبه من كلمات وألحان ومقدرة على العزف على آلة العود بشكل يشبهه ولا يشبه شخص آخر ما إن تسمع اول نقرشات على العود الا وتعرف انه رشاد عماد له بصمة خاصة به نأمل أن نراه قريبًا في البعيد.
كل هؤلاء الفتية تغنوا من باغنيات من كلمات حُميد عبر مضخة تضخ المبادئ والقيم في جسد الإنسان السوداني اسمها ” مصطفى سيد أحمد ” تبعث فيه الحياة من جديد بعد أن فارقت الروح جسد المتلقي بالتلوث السمعي التي تشهده الساحة الفنية هذه الأيام ، ولكن طالما هنالك شباب أمثال رشاد عماد ومحمد عبدالوهاب لانخاف على ذائقة المتلقي السوداني وعلى الأغنية السودانية.
اقول كما قالت الأميرة نانسي عجاج أن النيل بخير واعشاش الطير.
حواء كانت حاضرة حضورًا جمل تلك الأمسية، وبمشاركة إحدى الجميلات الغناء مع رشاد عماد.
اما الحديث عن المحتفى به “حُميد ” لا يحتاج إلى تعريف ولكن يحتاج لأن تخلد الذاكرة الوجدانية للشعب ذكراه.
حميد شعره ومواقفه تتحدث عنه صادم كل الحكومات التي مرت على السودان خلال حياته.
حارب ووقف ضد الظلم والقهر وشظف العيش من خلال الكلمة ونبل الأخلاق.
حميد الذي جاء من نخلات الشمال معبرا عن كل السودان وعن كل الهامش وهنا ندرك عمق الرجل وبُعد خطابه، الهامش الذي سوق من قبل البعض على أنه إشارة لأقاليم بعينها ونسي أو تناسى البعض أن السلطة والامتيازات استفاد منها قلة من القوم على حساب بلد بأكمله لذلك خرج مثل حُميد من بين كل هذا الواقع “المشاتر ” ليضئ بحرفه كل العتمة.
لايمكن اختزال تجربة حُميد في سطور، حُميد مشروع وطني متكامل يحتاج إلى أن يدرس شعر حُميد ومواقفه النضالية والإنسانية في المناهج الدراسية، حتى تدرك أجيال قادمة عظمة هذا الرجل.
شكرا مركز أبوآدم الثقافي على كل هذا الجمال وهذه الأمسية الثقافية المغايرة اتمنى ان تستمر مثل هذه الفعاليات التي سوف تساهم بلا شك في رفع المستوى الثقافي والتوعوي لإنسان السودان الذي تم تجهيله مع سبق الإصرار والترصد وهذا شأن وغبن آخر سنتحدث عنه أن أمد الله في الآجال.
التعليقات مغلقة.