السودان.. اضراب منسوبو دار الوثائق.. تململ ذاكرة الوطن!

 

دخل منسوبو دار الوثائق القومية من موظفين و عمال في إضراب مفتوح عن العمل ابتداءاً من امس الأول الأحد 16/10/2022 مطالبين بتحسين الأجور و البيئة العملية بدار الوثائق القومية، والمعلوم أن دار الوثائق القومية تتبع لرئاسة مجلس الوزراء وهي عبارة عن مستودعات تحتوي على عدد مقدر من الصحف و الوثائق القديمة منذ أوائل القرن العشرين، إضافة إلى أن منسوبي الدار أصبحوا يعانون من مشاكل كثيرة أهمها الأجور و تحسين الوضع البيئي و الصحي داخل مقر العمل، “التيار” كانت حضوراً في أول أيام إضراب منسوبو دار الوثائق القومية و إلتقت بالموظفين الذين أوضحوا مطالبهم و مشاكلهم في سياق التقرير التالي:
تقرير: أحمد سراج
فقدان الوثائق
تحدثت “التيار” إلى رئيس قسم قاعة الباحثين ناهد عثمان، التي تقول إن المشكلة تتمثل في الأجور والوثائق لجهة أن الأجور ضعيفة جداً و نحن مجهولين نعمل و لا نجد الإهتمام سواء من الدولة أو الجهة التي ننتمي إليها و لا أحد يعلم ماذا نفعل، وتنقصنا أشياء كثيرة، ومن ناحية أخرى أقل موظف يأخذ عشرة ألف جنيه فقط و أعلى أجر سبعين ألف جنيه، حتى البنية التحتية تدهورت ولا توجد تراحيل ولا حوافز، ونجد صعوبة في العلاج لدينا تأمين شوامخ ولكن مستلزماتنا الطبية لا توجد في تأمين شوامخ، ودار الوثائق كبنية تحتية تفتقر لأشياء كثيرة، والشئ المهم الآخر أيضاً الوثائق بكل صراحة بعد خمسة سنين تقريباً ستكون منتهية و سنفقدها لأنها تحتاج إلى صيانة وإعادة تأهيل، وهنالك أمر مهم لابد من تحفيز الموظفين في دار الوثائق مع هذا الوضع الصعب إذا وجد الموظف إغراء مالي من أي جهة أو أي فرصة لبيع وثيقة بالتأكيد سيفعل ذلك، وأناشد المسؤولين(ألحقوا الوثائق)لأن دار الوثائق جندي مجهول، ولنا أكثر من عام نطالب بتحسين الأجور و أحوال دار الوثائق و لكن للأسف لم نجد رد.
مذكرات وتجاهل
من جهتها تقول رجاء البشير الموظفة بالدار لـ “التيار”أرسلنا مذكرة إلى مجلس الوزراء أكثر من مرة ولا توجد أي مبادرة منهم لحل مشاكلنا ولا حتى شئ مُبشر ، وهنالك أيضاً حافز مدارس عند بداية العام الدراسي، كل المصالح الحكومية أخذت الحافز إلا نحن في دار الوثائق ومعظمنا لديهم أطفال يدرسون في المدارس نحتاج تحسين وضعهم، و هنا الموظف يُعاني لدرجة تصل إلى عدم توفر مبلغ للمواصلات فقط، لأن معظم المناطق لا توجد لها تراحيل، ونحن نتبع لمجلس الوزراء و لا يوجد حتى بدلات ونحاول أن نلفت نظر المسؤولين أن ينظروا إلينا ويمنحونا ولو القليل من حقوقنا.
مخاطر الأتربة
في السياق تضيف سهام عوض أن موظف دار الوثائق مُعرض لبعض الأمراض بسبب الأتربة و الغبار الموجود في دار الوثائق، وتوجد صُحف منذ عام 1903 وعندما نفتح الوثيقة نعاني من الغبار الذي يلصق بها ومعظم موظفي دار الوثائق يعانون من الأزمات و الأمراض ذات الحساسية تجاه الأتربة و لدينا زملاء فارقوا الحياة بسبب هذه المعاناة، إضافة إلى أنه يوجد لدينا بدل عدوى والمفترض أن موظف دار الوثائق لا بد أن يشرب كمية من اللبن لأنه يقي من الإصابة ببعض الأمراض، ومبلغ بدل العدوى 150 جنيه فقط في الشهر، ومن المفترض أن يشرب كل أحد لتر في اليوم وهذه نقطة مهمة جداً، ومعظمنا يعاني من الحساسيات وأمراض الأزمة ولدينا تأمين صحي”شوامخ” فقط عندما نذهب لانجد أدوية الأزمة والحساسية مُرفقة في شوامخ، والمبنى الذي نعمل به عبارة عن مستودع وغير مُهيأ والمباني الجديدة لم تكتمل لديها أكثر من عشرة أعوام تحت التنفيذ، ونطالب بحل أمر التهوية لهذه المباني حتى إكتمال المبنى الجديد و نطالب ببدلات مناسبة لتغطية بعض الإحتياجات و أهمها الصحة، و تحسين الأجور و النظر في أمر التأمين الصحي، و قالت نحن نعاني من ندرة في الموظفين لأن القدامى ذهبوا حتى الموظفين الجدد ذهبوا أيضاً لتلك الأسباب التي ذكرناها.
بيئة مأساوية
بدورها تؤكد موظف العلاقات العامة بدار الوثائق ندى حسن محمد لـ”التيار” أن العاملين بدار الوثائق يعانون حياة مأساوية للغاية وتقول أنا و بعض الزملاء تم استيعابنا في الدار عام 2010 كُنا 28 موظف، والآن نحن 6 موظفين فقط، ومعظهم إستقالوا، وفقدت دار الوثائق كوادر متخصصة مهمة بسبب سوء الأحوال البيئية والإدارية والمالية والمعنوية والصحية، إضافة إلى أن عامل دار الوثائق لا يتمتع بأي ميزة من أجور وصحة وبدلات و ترحيل، ودار الوثائق هي جهة قيادية سيادية على رأس الدولة وجميع مشاكل الدولة مثل المشاكل التاريخية والقبلية والحدودية تحلها دار الوثائق، والمسؤولين لا يعرفون دار الوثائق إلا وقت الحوجة وهؤلاء المجهولون الذين يعملون بدار الوثائق معاناتهم هذه تنعكس على أبنائهم ويتحملون أثر هذه الكارثة.
التاريخ والهوية
في غضون ذلك يقول لـ “التيار” مسؤول حفظ الوثائق قسم إستقبال الباحثين معاوية محمد خير، أوجه رسالة للمسؤولين أن يعوا بأهمية الوثائق وإلا في يوم من الأيام لن نجد شيئاً لا تاريخ ولا هوية ولا تراث.
وفي السياق تحدثت لـ”التيار”موظف دار الوثائق هنادي محمد عثمان، مؤكدة أن موظفي دار الوثائق يباشرون عملهم من داخل مستودعات دار الوثائق وهي عبارة عن وحدة واحدة فقط والمبنى الجديد بدأ في عام 2009 ووقف عام 2013 و إلى الآن لم تتم مباشرة عملية إكتمال البناء، ومن المفترض أن ميزانية دار الوثائق تكون منفصلة تماماً عن وزارة المالية و أن تتبع للدولة مباشرة و عالمياً دار الوثائق تتمتع بهيكلة خاصة و كذلك شروط الخدمة و الميزانية و كلها أشياء منفصلة و تتبع لرأس سيادة الدولة و نحن حالياً نتبع لمجلس الوزراء كوحدة تابعة إسمياً فقط وليس فعلياً وهذا خطأ كبير، وأريد أن أنبه الكل بأن يقيسوا وثائقهم لأن الوثائق في حالة تلف وضياع لا توجد مواد ترميم وصيانة لأن هذه الأشياء تأتي بالعملة الصعبة وعن طريق وزارة المالية، وعندما تكون لدينا ميزانية منفصلة لن نحتاج إلى وزارة المالية، ونحن مضربين إلى حين تنفيذ مطالبنا.
ضعف القانون
وتضيف هنادي أن هنالك قانون يتبع لدار الوثائق 1982 تعديل 2005، ولدينا قانون جديد لدار الوثائق موجود في وزارة العدل منذ 2017 لكن إلى الآن لم تتم إجازته، وقانون دار الوثائق لعام 1982 تعديل 2005 قانون ضعيف لايحمي الوثيقة ولا حتى عامل دار الوثائق القومية، وإذا تم فقد وثيقة العقوبة 3 أعوام والغرامة مبلغ رمزي فقط، و غياب قانون دار الوثائق أدى إلى ضياع الوثائق هنا وفي الولايات أيضاً لأن في الولايات الإهتمام ضعيف جداً والوثائق في الولايات تعاني من ضياع وتلف وعدم متابعة، وهنالك حادثة وقعت في ولاية كسلا وتم حرق أمانة الحكومة بالأخص المبنى الخاص بالإرشيف والوثائق إتحرقت تماماً وذلك بسبب المشاكل القبلية، ولانعلم بوضع الوثائق في بقية الولايات.
وتؤكد هنادي أن هنالك كارثة وهي المفوضية التي تم إنشائها وتسمى مفوضية الحدود وهي تأخذ وثائقها من دار الوثائق و تُغيب معلومة الحق الأدبي لدار الوثائق و هذا شئ مؤسف ومن المفترض أن تكون هنالك أتيام دورية لمتابعة الوثائق في الولايات وأكدت أنهم مضربين حتى تتحق مطالبهم في الدار وأهمهما حفظ الوثائق.

التعليقات مغلقة.