*بين التهريب والتصدير* *الماشية السودانية … ضياع الموارد!!*
*وكيل وزارة الثروة الحيوانية : توقف صادر الماشية السودانية اشاعة !!*
*وزير الثروة الحيوانية : استراتيجية جديدة لعدم تصدير الماشية السودانية حية !!*
*تحقيق : ندى بدر*
*الثروة الحيوانية من الثروات القومية التي تمثل عمودآ فقريآ في الاقتصاد السوداني ، والماشية السودانية مشهود لها في العالم باكمله بجودة لا مثيل لها ، وتعتبر السعودية واحدة من اهم الاسواق التي تستقبل صادر الماشية السودانية ، لكن ومنذ فترة بدأ سيناريو اعادة بواخر الماشية لاسباب مختلفة ، وفي الناحية الأخرى ازدادت عمليات تهريب الماشية عبر الحدود ، ماهي المخاطر الناجمة عن تصدير او تهريب الماشية وهل يؤدي ذلك إلى ضياع السلالات النادرة ؟ وجهات نظر بعض المختصين في هذا الجانب نستعرضها في المساحة التالية ….*
*تدني المناعة!!*
على مدى سنوات يقوم السودان بتصدير الماشية الى السعودية ، ويتم اعادتها من الموانئ اما لمسألة تتعلق بمناعة الماشية ضد بعض الامراض او لغيرها من الاسباب ، مما يسبب خسائر فادحة للرعاة والمنتجين وقبل كل شئ للدولة . معتز البدوي (طبيب بيطري) عمل في فترة سابقة بالمحجر البيطري في سواكن تحدث الينا حول هذا الموضوع مشيرآ الى ان مناعة الماشية ضد امراض الحيوان واحدة من المواصفات التي تجعلها مطلوبة في الدول التي يتم التصدير لها ، وقد اعادت السعودية بواخر محملة بكمية كبيرة من الضأن بسبب تدنى المناعة الى اقل من (25%) ،و المناعة المطلوبة في ميناء سواكن (60%_80%) وعند وصول الماشية ميناء جدة يجب الا تقل عن (30%) ، كما ان المحجر البيطري بسواكن والذي يتم شحن الماشية منه الى الباخرة يحتاج الى بعض الترميم وتحسين بيئة المحاجر من خلال عمل مظلات للحيوانات وتوفير مياه الشرب ، كما يجب توفير اللقاح والكواشف وتوحيد العيارات والنسب في كشف مناعة الماشية بالسودان والسعودية . يذكر انه في العام (2019)م ومع ظهور حمى الوادي المتصدع في السودان اوضحت السعودية انها تشترط لاستيراد الماشية السودانية ان تكون جميعها مطعمة ضد هذا المرض ، لكن هذا الامر مكلف جدآ كما ان نسبة الخطأ لا تتعدى (5%) ، وتم الاتفاق على ارسال باخرة واحدة كل يوم مع تحصين الحيوانات ضد هذا المرض وفترة حجر (30) يومآ على ان تكون نسبة المناعة (30%) .
*توقف الصادر!!*
من المعروف أن السعودية تستورد الماشية من دول اخرى ، لكن ليس بحجم الماشية التي تستوردها من السودان ، وتصل الكمية المستوردة في اليوم اكثر من عشرة ألف رأس ، لذا تعتبر السعودية اكبر مستورد للضأن السوداني ، وبعد تكرار ارجاع بواخر الماشية السودانية من الموانئ السعودية ، بدأت الكثير من التساؤلات تطرح بشكل او بآخر عن الاسباب الحقيقية وراء هذا الأمر ، وقد كشف عضو شعبة مصدري الماشية حامد وردي ان إرجاع باخرة الماشية السودانية كان بسبب اشتباه اصابة (5) رؤوس من الضأن بمرض (البروسيلا) ، وافاد وردي بتوقف صادر الماشية السودانية . في هذا الصدد نفى وكيل وزارة الثروة الحيوانية حسن التوم توقف صادر الماشية وقال في (تصريحات صحفية) الايام الفائتة ان الحديث عار من الصحة ومجرد شائعة ، واتهم بعض التجار ودولة مجاورة بالتآمر لارجاع بواخر الماشية . وكشف التوم عن مغادرته الى المملكة العربية السعودية لتجديد البروتوكول التجاري بين البلدين بشأن صادر الماشية . في نفس الاطار اعلن وزير الثروة الحيوانية حافظ إبراهيم خلال مشاركته في مؤتمر وزراء الثروة والموارد المائية ما وراء البحار بالمملكة المغربية في الايام الفائتة عن تكوين لجنة تحقيق للوقوف على الاسباب التي قادت لإرجاع السعودية لباخرة المواشي السودانية ، وأكد ان صادر الثروة الحيوانية مفتوح مع كل الدول ومستمر مع جمهورية مصر العربية مشيرآ الى استراتيجية جديدة للوزارة تعتمد على عدم تصدير الثروة الحيوانية حية على ان يتم تصديرها مذبوحة .
*تعدد الرسوم!!*
تعدد رسوم الصادر وارتفاع تكلفة الاعلاف ومياه الشرب هى بعض المشاكل التي يعاني منها مصدري الماشية ، وكلما طال بقاء الماشية في المحجر ازداد الصرف عليها ، لكن ذلك لا يعادل الخسارة الفادحة للمصدرين والدولة جراء ارجاع صادر الماشية . بعض المصدرين وضعوا اللوم على عاتق لجنة تنظيم وتطوير البواخر وطالبوا بمنحهم الفرصة لاختيار الباخرة المناسبة لشحن مواشيهم ، لان ارجاع صادر الماشية يتسبب لهم في خسائر لا حدود لها . وفي هذا الجانب أكد دكتورحسن التوم وكيل وزارة الثروة الحيوانية على أن تعدد الرسوم على صادر الماشية الحية من الضأن والأبقاروالإبل يؤثرعلى المنافسة في السوق العالمي ويؤدي إلى إرتفاع الأسعار محلياً ، وافاد ان الرسوم تشمل الزكاة والتأمين ورسوم طريق وسوق ورسوم ولائية ، مشيراً إلى أن سعر الرأس من الماشية أكثر من (100) دولار مما يجعل السودان غير قادر على المنافسة عالميآ ، وطالب الحكومة بتخفيض الرسوم حتى ينساب الصادر ويكون بأسعار معقولة ، واضاف د.حسن إنه تم عقد إجتماع مع اللجنة الإقتصادية في هذا الأمر، واوضح ان الوزارة لا تستطيع تخفيض الرسوم لذا سيتم عقد إجتماع مع وزارة المالية .
*ازدياد التهريب!!*
مشكلات كثيرة في المراعي بمناطق الانتاج اهمها نقص الأدوية ، مما يجعل المنتجين يلجأون لشراء الادوية من السوق السوداء ، وكل ذلك يقود الى ازدياد نسبة تهريب الماشية ، كما ان السودان يتمتع بمساحة شاسعة ، ويتقاسم الحدود مع دول عديدة دون اي فواصل طبيعية او صناعية ، مما سهل عمليات التهريب ، وفي شرق السودان تزدهر عمليات التهريب المختلفة ومن بينها تهريب الماشية ، وفي ديسمبر الماضي أفشلت شرطة مكافحة التهريب بالسودان تهريب (369) رأساً من الإبل في عمليتين منفصلتين بشرق البلاد ، واوضح مدير شرطة مكافحة التهريب العميد عبد الوهاب موسى أن العملية الأولى تمثلت في ضبط (158) رأساً من الإبل بمنطقة أوسيف، والثانية كانت بمنطقة قباتيت وأسفرت عن استعادة (211) رأساً كانت في طريقها لخارج السودان . ولفت العميد عبدالوهاب أن فرق المكافحة تمشط الشريط الحدودي بدوريات مستمرة للحد من عمليات التهريب المتكررة عبر حدود السودان الشرقية . في هذا الموضوع تحدث الينا عصام عبدالله (مفتش بيطري) واشار الى ان الدول العربية حريصة على الضأن السوداني لجودته ، وذلك لان لدينا سلالات طبيعية محلية غير محسنة وتتوالد طبيعيآ دون انتخاب لصفات الاباء والامهات كما في السلالات الهجين ، وفي حال تم تهريبها فانها تباع باسعار عالية ويمكن القول ان تهريب الماشية كارثة من جاهل لا يعرف قيمة الثروة الحيوانية ، خاصة ان هناك دول مناخها قريب من مناخ السودان واذا تم تهريب الماشية السودانية اليها قد يصبح لديها منتج قريب من المنتج السوداني مما يؤدي لخلق سوق منافس وضعف الطلب على المنتج السوداني ، لذا على الدولة الحد من هذه الظاهرة للحفاظ على احد اهم الموارد الاقتصادية بالبلاد ، كما يجب ضبط تهريب الثروة الحيوانية في المنافذ والمعابر وتطبيق قوانين صارمة لردع المتفلتين للمحافظة على الثروة الحيوانية باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد السوداني .
*سوق منافس!!*
كذلك توجهنا الى اهل الاقتصاد لمعرفة وجهة نظرهم حول ما يحدث من تفريط في الماشية من خلال تصدير او تهريب الماشية وتحدث الينا الخبير الاقتصادي الصديق المهدي وقال ان الجانب السلبي في تصدير الماشية هو انها تعود بفائدة محدودة عاجلة على حساب فائدة كبيرة مستمرة آجلة ، وعلى الدولة اعادة النظر في تصدير الماشية حية وان تقوم بتصدير اللحوم بدلأ عن ذلك من اجل الحفاظ على اصول الماشية . اما بخصوص التهريب فيمكن القول انه وقبل فترة انفتح باب تهريب الماشية على مصراعيه لكل من يرغب في الثراء الفاحش بعد ان يتم تسريب تلك الماشية لدول تستطيع الاستفادة منها بالطريقة المثلى وبذلك يحدث لها اكتفاء ذاتي وربما تصبح من الدول المصدرة لماشية اصولها من السودان ، وعمومآ اذا توفرت الماشية السودانية في دولة اخرى باي طريقة سواء تهريب او تصدير واذا تم توليدها فان ذلك يؤدي لخلق سوق منافس للمنتج السوداني ، وهذا الشئ يضر باقتصاد البلاد ، وقد يحدث التهريب نتيجة لعدم الالتزام بالضوابط الرقابية ويتم القضاء على ذلك بإيجاد الحلول الجذرية للمشكلة الاقتصادية بالبلاد وزيادة الانتاج من اجل التوازن الاقتصادي .
التعليقات مغلقة.