مرضى السرطان … حياة على شفاه الجحيم!!
*وزارة الصحة : ارتفاع مضطرد في نسبة الاصابة بالسرطان!!*
*مدير المركز القومي لعلاج الاورام يشتكي من عدم توفر اجهزة الاشعاع!!*
*تحقيق :ندى بدر*
*انت مصاب بالسرطان.. عبارة تغتال الامل في داخل الشخص المعني بها وتغلق جميع الابواب في وجهه فهذه العبارة تحمل في طياتها معنى واحد وهو العيش على حافة الحياة … ويبقى المريض في إنتظار رصاصة الرحمة التي تطوي صفحة تلك الايام المتبقية من حياته وفي داخله احساس يتعاظم انه لن يستطيع حصاد تلك الامنيات التي زرعها طوال السنوات الماضية.. مرض السرطان كان ومازال كابوسآ يطل برأسه ليذيب شمعة الامل في استمرار الحياة … ماهي الاسباب الرئيسية للاصابة بهذا المرض ومتى ظهرت اول حالات الاصابة في السودان ؟ وماهي الولاية التي تسجل اعلى نسبة اصابة بالسرطان ولماذا ؟ وماهي الادوار التي يتم القيام بها للحد من الاصابة بالسرطان ؟هذه الأسئلة وضعناها على طاولة اهل الاختصاص في هذا الجانب وخرجنا بهذه المعلومات …*
*تاريخ المرض!!*
ما أن توضح الفحوصات الطبية الاولية ان الشخص مصاب بمرض السرطان حتى تظل غيمة سوداء عينيه ويشعر بان الحياة اصبحت بلا مذاق … فالسرطان يعد الآن احد الاسباب الرئيسية المؤدية للوفاة في شمال السودان وهناك من يرى ان النفايات النووية التي تم دفنها في تلك المنطقة في عهود سابقة سبب اساسي في انتشار المرض وهناك معلومة ان بعثة مكونة من علماء بريطانيين اكتشفت ان اقدم اصابة بمرض السرطان تعود الى ما قبل ثلاثة آلاف عام ودلت الأبحاث التي أجريت على الهيكل العظمي انتشار المرض في كل اجزائه وتوفي بين العشرين والثلاثين من العمر ويقال ان هذا الهيكل السوداني عاش جوار النيل قرب مدينة الخرطوم ، ورجحت الابحاث ان تلك الإصابة ناتجة عن اصابته بمرض البلهارسيا الذي كان منتشرآ بين مصر والسودان واثبت مؤخرآ ان البلهارسيا احد الاسباب المؤدية إلى الاصابة بسرطان المثانة بين الرجال مما يؤكد صحة الابحاث، ومن الاسباب الرئيسية المؤدية لانتشار مرض السرطان هو نمط الحياة غير الصحي والاتجاه للوجبات الجاهزة والوجبات التي تحوي كمية من الدهون اضافة الى جانب المبيدات الزراعية التي يستخدمها المزارعون دون توعية والتي يمكن ان تغير تركيبة الخلايا المسئولة عن النمو في الجسم هذا الى جانب استخدام التبغ والسجائر التي تؤدي للاصابة بسرطان الرئة وكذلك التمباك الذي يؤدي للاصابة بسرطان الفم .
*معاناة مستمرة !!*
داخل المركز القومي للعلاج بالاشعة والطب النووي بالخرطوم ينتشر عشرات المصابين بالمرض كبارآ وصغارآ يحدوهم بصيص امل في طريقة للعلاج والعودة للحياة الطبيعية ومحاولة التعايش مع هذا المرض الخطير ، لعكس تلك المعاناة تحدثنا الى عدد منهم … في زاوية من المركز جلست الحاجة نفيسة وبرفقتها ابنتها تحدثنا اليها فقالت وقطرات من الدمع تتساقط على خدها انها قبل عام تقريبآ احست بالم غريب في صدرها وكذلك احست بالغثيان فاحضرتها ابنتها للكشف على اساس انه اي من الامراض المعروفة ولكن كانت النتائج غير متوقعة وشعرت بذلك من نظرات الهلع في عيني ابنتها التي اصرت على السفر للقاهرة لاجراء بعض الفحوصات من اجل الاطمئنان وكانت الحقيقة المرة انها مصابة بسرطان الثدي ومنذ تلك اللحظة وهى اسيرة الادوية والعلاجات ، وتقوم بالمتابعة بصورة دورية مع الطبيب المختص في مستشفى مدني والذي يقول ان الامل كبير في الشفاء . شخص آخر اصيب بالسرطان فاظلمت الدنيا في وجهه وهو المهندس مصطفى يوسف الذي قال انه عند اكتشاف اصابته بالمرض احس بان الموت يحيط به من كل جانب الى ان جلس الى الطبيب الذي طمأنه بان العلاج من السرطان اصبح ممكنآ والاهم ان يرضى بواقع اصابته ويحاول التعايش مع المرض وهي مرحلة متقدمة من العلاج وأوضح له ان تساقط الشعر شئ طبيعي وبعد الشفاء يمكن ان يعود الشعر للنمو مرة اخرى وقال انه يذهب لجلسات العلاج بصورة مستمرة لانه حسب كلام الطبيب انقطاع العلاج يؤدي الى تدهور الحالة الصحية . كذلك جلسنا الى احد الاطفال المرضى بالسرطان والذي ادهشتنا امنيته حيث قال انه يريد ان يصبح طبيبآ ليكتشف علاج السرطان وهي احلام مشروعة وامل في امتداد الحياة خاصة ان بعض الاهل يعتبرون الاصابة بمرض السرطان وصمة عار على جبين المصاب وهذا يقود الى قتله معنويآ مما يؤدي الى تأخر العلاج وربما الموت .
*فحص العينات !!*
في معمل استاك قسم الانسجة المريضة قمنا بالتعرف على الطريقة التي يتم بها فحص العينات للتأكد من الاصابة بالسرطان وقالت الدكتورة (ع .م )المختصة في هذا الجانب انه يتم اخذ العينة بالعين المجردة لمشاهدتها بالمجهر وهناك خطوط معينة يتم بها اخذ العينة من الرحم والعنق وفحصها وتسلم العينة للمعمل في شكل ارقام يتم تحويلها لعينات توضع لمدة (18_24) ساعة وبعد ذلك توضع العينة في شمع لتجهيزها لمرحلة القطع وهي المرحلة الأهم ويتم صبغها ثم تغطيتها بمادة لاصقة ، وقراءة التشخيص للعينة يتم بواسطة الاختصاصي الذي يكتب تقرير عن كل مراحل التشخيص والتوصيات للطبيب المعالج ويتم بواسطة الاختصاصي تحديد ما اذا كانت العينة خبيثة او حميدة ، وفي حالات يكون هناك خطأ في التشخيص ومراحل العلاج تبدأ بالتشخيص الصحيح وكذلك الاكتشاف المبكر للإصابة . توجهنا كذلك للسجل القومي للسرطان للوقوف على حقائق الاصابة به في السودان وتحدثت الينا د.منال الامام وقالت ان هناك ثلاث مراكز لتقديم العلاج وهي مستشفى الذرة ومدني التي تقدم علاج الاشعة وعلاج كيميائي ومستشفى شندي الذي يقدم علاج كيميائي واوضحت ان هناك كثير من القطاعات مسئولة عن الصحة وليس وزارة الصحة وحدها لذلك لابد من الكشف عن الاطعمة والاسمدة وغيرها بواسطة المواصفات والمقاييس وكلما تم اكتشاف المرض مبكرآ كان العلاج ممكنآ وهناك الكثير من السرطانات تنتهي تمامآ مثل سرطان الكبد الذي يتم استئصاله ومن أخطر انواع السرطان سرطان الفم والذي ينتشر بصورة كبيرة وبالنسبة للنساء سرطان الثدي هو الاكثر انتشارآ ، وهناك تخوف من العلاج في المستشفيات كما ان حضور المريض في مرحلة متأخرة من المرض قد يؤدي للوفاة لذا لابد من رفع الوعي للمواطن وكذلك تعليم الطالبات في المدارس كيفية الكشف الذاتي عن سرطان الثدي .
*انتشار الخلايا !!*
جميع المختصين في مجال السرطان يوصون بضرورة مشاركة المجتمع لمجابهة مرض السرطان الذي بات ينهش جسد المواطنين كبارآ وصغارآ وكذلك توعية المواطن بالكشف الدوري والمبكر في حال الشعور باي اعراض مرضية غريبة . وقد تحدث الينا الدكتور مبارك عبدالله اختصاصي الاشعة الطبية وقال ان هناك آثار جسدية واجتماعية لمرض السرطان واوضح ان الخلايا السرطانية تنتشر في جسم الانسان بصورة غير طبيعية نتيجة عوامل خارجية تؤدي الى خلل في وظيفة الخلية المسئولة عن نمو الخلايا مما يؤدي الى تكاثر غير طبيعي يسمى النمو العشوائي للخلايا وفقدان الخلايا الكابحة للقدرة للقيام بوظائفها ، والاصابة بالسرطان لا تاتي دفعة واحدة بل تدريجيآ وقد يحتاج الى سنوات لظهور اعراضه كما ان السرطان ليس بالضرورة ان يكون وراثيآ ومريض السرطان لا يشعر بالألم في بداياته الا اذا كانت الاصابة في عضو خارجي مثل الثدي والذي تنتشر الاصابة به بصورة كبيرة وسط النساء وعامل الاصابة به متعدد غير محدد المعالم غير ان هناك عوامل مؤكدة مثل الوراثة ولايعني ذلك ان للوراثة عامل اساسي وليس كل مصاب بسرطان الثدي قد اصيب به عن طريق الوراثة ، واضاف د.مبارك ان الغذاء يلعب دورآ كبيرآ في الاصابة بالسرطان خاصة تناول الاطعمة الدسمة مثل البروتينات ذات السعرات الحرارية العالية والكحول واوصي بتناول الالياف والخضروات لانها تقلل من احتمال الاصابة بالسرطان ، وفي جانب آخر وبما ان افريقيا قارة ذات اجواء مطرية ورطوبة عالية لهذا تبقى الفيروسات واحدة من اشكالات المجتمعات الافريقية مثل فيروس الكبد الوبائي الذي ينتقل عن طريق الدم او المعاشرة الجنسية ويتركز بصورة اساسية في الكبد ومن ثم قد يؤدي للاصابة بسرطان الكبد ، واضاف د.مبارك ان تعرض الشخص للاشعة فوق البنفسجية قد يعرضه للاصابة بالسرطان وليس بالضرورة ان تكون تلك الاشعة طبيعية من الشمس هذا الى جانب التلوث البيئي خاصة الاشخاص الاكثر عرضة للتلوث مثل عمال النظافة وعمال المصانع والاشخاص الذين يسكنون قريبآ من طرق عبور السيارات وذلك بسبب ثاني اكسيد الكربون الناتج من عوادم السيارات وكل هذه مواد كيميائية تغير تركيبة الخلايا واوضح ان اعراض الاصابة بالسرطان او الانذار المبكر للسرطان نقصان الوزن (10)كيلو خلال ستة اشهر وكذلك صعوبة البلع وعسر الهضم والكحة التي لا تستجيب للعلاج لمدة (20) يومآ والعرق الليلي لذا لابد من مراجعة الطبيب عند الشعور بهذه الاعراض . كما تحدث الينا في هذا الموضوع الدكتور معتز ابراهيم اختصاصي علم الانسجة وقال ان السرطان يمكن الشفاء منه اذا تم وصف علاجه سواء الجرعات الكيميائية او الجلسات الفيزيائية بصورة صحيحة وقال ان (5_10%)من حالات الاصابة ترتبط بالوراثة ولا يمكن التكهن بوجود وقاية من المرض لكن العلاج او الشفاء منه ليس امرآ صعبآ كما ان الاكتشاف المبكر للمرض يقلل نسبة الوفيات ويجب اجراء فحص دوري بالمنظار لاي شخص في سن الخمسين كل خمس سنوات لان سرطان القولون يصيب الاشخاص من عمر خمسين عاما فما فوق ، وقال ان العامل الوراثي يشكل نسبة (10‰) من الاصابة ولكن قد يتضاعف في المجتمعات المغلقة نتيجة حدوث تكيف او طفرة للخلايا الوراثية هذا الى جانب الاسمدة والمبيدات الزراعية التي يستخدمها المزارعون دون توعية والتي يمكن ان تغير تركيبة الخلايا المسؤولة من النمو في الجسم ويمكن القول ان عدم اكتشاف العوامل الاساسية في ظهور السرطان يعود الى افتقارنا للتخصصات ويجب على الدولة توفير المعينات لان بعض الامراض ظهرت في مجتمعنا ولم تكن موجودة في الماضي وهذا يستدعي وجود تخصصات متعددة .
*ميزانية التسيير!!*
وزير الصحة في العهد البائد قالها وبكل وضوح 🙁 مرضى السرطان بكلفونا وفي النهاية يموتوا!!) ، ويبدو أن الوزراء المتعاقبين على هذه الوزارة يريدون السير في نفس الاتجاه بمنع مرضى السرطان من حقهم في العلاج ، وفي هذا السياق اشتكى مديرو مراكز الأورام ، من عدم انتظام ميزانيات التسيير على قلتها، مطالبين الوزارة العمل مع المالية لزيادتها وانتظامها ، تجدر الإشارة إلى ان وزير الصحة المكلف اكد سعي وزارته لزيادة ميزانيات تسيير مراكز علاج الاورام القومية . من جانبه افاد مدير المركز القومي لعلاج الأورام بروفسور عبدالله دفع الله بوجود مرضى لايتلقون العلاج رغم مجانيته ، مشيراً إلى التكلفة العالية للانتقال لمراكز العلاج، واضاف ان هناك عدد من التحديات منها انعدام الخدمة في مؤسسات الصحة التابعة للقوات النظامية والقطاع الخاص، ممايستوجب الشراكات و التوسع في الولايات. ونوه إلى ان عدد أجهزة الاشعاع المطلوبة (400) جهازاَ مقارنة بالمتوفر البالغ (5) أجهزة فقط ، واشار الى عدم توفر مراكز منفصلة للأطفال رغم خصوصيتهم.
*تكلفة العلاج!!*
كشفت وزارة الصحة الاتحادية عن ارتفاع مضطرد في نسبة الإصابات بالسرطان، مشيرة الي أن هناك تحديات كبيرة تواجه مكافحته وعلاجه أبرزها تزايد تكلفة العلاج، بجانب عدم وجود سجل مبني على السكان للسرطان والذي أثر على الخطط العلاجية والتوزيع العادل للخدمات ، واشتكت الوزارة من التعطل المتكرر لأجهزة العلاج االاشعاعي .وحسب إحصاءات أصدرتها وزارة الصحة السودانية
هناك ارتفاع في عدد مرضى السرطان في البلاد ، وقد أشارت الوزارة إلى وجود (20) ألف حالة إصابة نشطة ثمانية في المئة منها للأطفال ، مع شح كبير في الإمكانات والأدوية ومراكز العلاج . وأكدت الإحصائيات وجود (925) حالة إصابة هذا العام، مع تردد (300) يومياً على مركز العلاج الرئيس الذي يقع بمدينة ود مدني ، ويعاني المركز ضغطاً هائلاً بسبب عدم وجود مراكز أخرى لتلقي العلاج وعدم وجود أجهزة مؤهلة. . اما فيما يخص الشح في ادوية السرطان والتي عاش معاناتها المرضى فقد اوضح وزير الصحة الاتحادي المُكَلَّف د. هيثم محمد إبراهيم (في تصريحات صحفية) إنّ أدوية السرطان ضمن العلاج المجاني والتي تجد الأولوية في توفيرها ، مشيرآ الى حدوث انقطاع في بعض أنواع أدوية السرطان نتيجة لعزوف الشركات العالمية عن توريدها جراء المديونيات الكبيرة ،وهذا الانقطاع في ادوية السرطان قاد الأطباء إلى الاستعاضة بأنواع أخرى بديلة . وكشف عن استئناف معظم الشركات لنشاطها منذ الشهر الماضي عقب تسديد جزء من مديونياتها بعد وصول مبلغ (40) مليون دولار من وزارة المالية الاتحادية ، مؤكدًا بداية الحلول الفعلية لمشاكل انقطاع أدوية السرطان خلال الأيام المقبلة بعد وصول بعض الأصناف للبلاد .
التعليقات مغلقة.