*مزارع حيوانات وسط الاحياء … البيئة في خطر!!*.. تحقيق
*مهندس زراعي : المزارع وسط الاحياء سببها الزحف السكاني وعشوائية الإنشاء!!*
*خبير بيئة : يجب ترحيل المزارع خارج المنطقة الحضرية بأسس علمية!!*
*تحقيق : ندى بدر*
*مزارع الابقار والدواجن في ولاية الخرطوم الى جانب انها مصدر رزق وفير لاصحابها ، فهي ايضآ مصدر للبروتين الحيواني الذي يحتاجه الانسان في غذائه ، لذا نجد ان هذه المزارع انتشرت بصورة كبيرة (لحد العشوائية) واصبحت تتوسط الأحياء السكنية بدرجة لافتة للنظر خاصة ان عددآ كبيرآ من المواطنين تقدموا بشكوى للجهات المختصة لادراكهم مخاطر تلك المزارع على صحة الانسان والبيئة ، فهي تتسبب فى الكثير من امراض الصدر والجلد هذا الى جانب الروائح الكريهة التي تزكم الانوف خاصة في فصل الخريف …. كيف يتم التصديق لهذه المزارع وما سبب تواجدها بصورة مريعة داخل الاحياء السكنية في انحاء مختلفة من ولاية الخرطوم ؟ عدد من الشكاوى بجانب المسح الجغرافي لهذه المزارع مع بعض وجهات نظر المختصين في هذا الجانب نستعرضها في المساحة التالية …*
*جولة في المزارع!!*
الخريف ليس مثل غيره من فصول السنة لانه يفتضح الكثير من مساوئ البيئة التي تظهر في سفور واضح ، وفي بعض المناطق من ولاية الخرطوم تنتشر مزارع للابقار والدواجن والتي مع هطول الأمطار تنبعث منها روائح كريهة تعكر صفو الحياة لمن يقطنون قرب هذه المزارع ، وقد قمت بجولة في بعض هذه المزارع وفي طريقي الى المزارع الموجودة بالحاج يوسف وعند دخولي شارع (الهوا) استقبلتني الروائح المنبعثة من هذه المزارع والتي ترقد قريبآ من مساكن المواطنين وقد اذهلني درجة تحمل هؤلاء ومقدرتهم على السكن في هذه المنطقة التي اقل ما توصف به انها بيئة للموت البطئ !! توقفت امام احدى المزارع والتي حضر صاحبها مستفسرآ عن سبب وحودي قرب مزرعته وهل اريد شراء بعض المنتجات ، طلبت منه الحديث عن مزرعته ومتى تم انشاؤها ولماذا تتوسط المنطقة السكنية فاستهجن هذا الكلام وقال ان هذه المزرعة موجودة منذ اكثر من نصف قرن وحينها لم يكن هناك اثر للحياة في هذه المنطقة وهذه المساكن قامت بعد المزارع بفترة طويلة لذلك يقع اللوم على عاتق المواطن الذي جاء للسكن في منطقة المزارع . في اثناء تلك الجولة استوقفنا المواطن سليمان ابراهيم وهو احد السكان بتلك المنطقة والذي لم ينكر وجود هذه المزارع في هذه المنطقة قبل حضوره للسكن ولكنها على حد قوله لم تكن بهذه الكثافة بل كانت بعدد اصابع اليد لذا لم تكن مصدر ضرر وازعاج للسكان ولكن مع ازدحام المباني اصبحت المنطقة سيئة جدآ خاصة في الخريف وكذلك عند ارتفاع درجات الحرارة حيث تنتشر روائح روث البهائم ومخلفات الدجاج بصورة لا يستطيع الانسان تحملها ويجب ان تعمل الدولة على حل هذه المشكلة بترحيل تلك المزارع الى اماكن مغلقة يمنع اقامة مساكن حولها لان المزارع مصدر امراض خاصة للاطفال والذين يعاني اغلبهم من حساسية في الجلد والصدر .
*شركات ومزارع!!*
منطقة الدخينات بمحلية جبل اولياء لم تكن افضل حالآ من سابقتها حيث شكا عدد من المواطنين من انتشار مزارع الحيوانات في تلك المنطقة وانها سبب مباشر لانتشار الحشرات والامراض وتلوث البيئة ، وعلى الرغم من كل تلك الاضرار فان القادم الى تلك المنطقة يلحظ انتشار شركات الدواجن على امتداد شارع جبل اولياء وقد ابدى احد المواطنين استياءه الشديد من وجود المزارع وسط الاحياء السكنية وقال اننا لا ننال منها سوى الروائح الكريهة والامراض وقد قمنا بتقديم عدد من الشكاوى لايجاد حل يرضي جميع الاطراف مثل تحويل تلك المزارع الى مناطق بعيدة واستثمار الاراضي باي طريقة لا تضر بصحة الانسان ولا يخفى على شخص تلك الامراض الكثيرة التي يمكن ان يصاب بها السكان في هذه المنطقة ونحن لا نرفض الاستثمار في مجال تربية الحيوانات لكن لابد من مراعاة الجانب الخاص بالانسان وصحة البيئة . في نفس الاطار تحدثنا الى المواطن عبدالقادر الشريف من منطقة الدخينات و الذي قال ان هذه المنطقة اصلآ زراعية وقامت بها مزارع الحيوانات منذ عشرات السنين لكن المواطنين زحفوا نحو هذه المزارع وتم استصلاح الأراضى وتحويلها إلى سكنية ، وكانت المزارع في منطقة بعيدة جدآ لكن نتيجة للزحف السكاني اصبحت الآن وسط الأحياء السكنية لذا يمكن القول ان المواطنين جنوا على أنفسهم بالسكن في هذه المنطقة .
*انتشار الامراض!!*
حول وجود مزارع الحيوانات وسط الاحياء تحدثنا الى الطبيب البيطري عبدالله سالم فقال ان هذه المشكلة عالقة منذ سنوات وهناك الكثير من المخاطر تترتب على هذا الأمر لان مخلفات هذه الحيوانات تسبب بعض الامراض مثل انفلونزا الطيور ومرض سامونيلا وهو مرض بكتيري معد يسبب المغص والاسهال هذا بجانب الاضرار المباشرة مثل انتشار الروائح الكريهة والحشرات الناقلة للامراض ، ومزارع الابقار لها اضرار اكبر حيث تؤدي مخلفاتها الى انبعاث غازات ملوثة للبيئة مثل الميثان والايثان والتي تضر بالصحة خاصة لمرضى الربو والحساسية . اما الدكتور عمار جعفر فيعتبر التخلص السليم من مخلفات منشآت صناعة الدواجن اضافة الى تهيئة ونظافة الحظائر هما الركنان الاساسيان للنجاح في مجال تربية الدواجن ، ومع تضاعف المشاريع ازداد حجم المخلفات والنفايات التي تعتبر مصدرآ للتلوث البيئي لذا لابد من استخدام التقنية الحديثة في تربية الدواجن .
*زحف سكاني !!*
للحديث حول انتشار مزارع الحيوانات في عدد من الاحياء بولاية الخرطوم ولمعرفة الشروط اللازمة لانشاء مزرعة حيوانات تحدثنا الى مهندس زراعي فاطمة السماني والتي اوضحت ان ادارة الثروة الحيوانية في المنطقة تقوم بعمل زيارة اولية للكشف عن الارض والمساحة والمسافة بين المزرعة والاخرى وما بين المزرعة والشركة والمزرعة و السكن ويتم مطابقة المواصفات مع تلك الصادرة من الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس وتكون هناك موافقة مبدئية ، وكل مزرعة لابد ان يكون بها مشرف فني طبيب بيطري او مهندس انتاج حيواني .وبعد اكتمال المستندات تتم الموافقة والتصديق بعد التأكد من الامن الحيوي للمزرعة ، اما بخصوص وجود المزارع وسط الاحياء السكنية فهذا بسبب الزحف السكاني على المزارع هذا بجانب عشوائية انشاء بعض المزارع التي لا يقوم اصحابها بالرجوع إلى الجهات المختصة الا في حال واجهتهم مشكلة ، وهناك مواطنين تقدموا بالشكاوى من تلك المزارع بينما بعض المواطنين يعتبرونها مصدر دخل لهم يعملون بها لكن في حال تكرار الشكاوى بخصوص احدى المزارع يتم عمل معالجات وذلك بحساب معدل اهلاك المباني مع العلم ان التصديق الممنوح للمزرعة مدة خمس سنوات فيتم حساب معدل الاهلاك ويتم تحويل النشاط الى منطقة اخرى بعد ان يكون صلحب المزرعة قد ارجع رأس المال ، اما بخصوص المزارع المجاورة لبعضها يتم عمل إتفاقيات بين اصحاب المزارع ويطبق نظام (all in all out) وفيه تتم كل الاجراءات للمزارع كانها مزرعة واحدة من تطعيم وغيره ، وفي ولاية الخرطوم اغلبية المزارع مغلقة ويحظر دخول المواطنين حتى لا يتم نقل أمراض للحيوانات ومن المفترض ان تكون المسافة بين المزرعة والاخرى ثلاثة كيلو متر ، وتواصل المهندس فاطمة حديثها وتقول انه بخصوص مخلفات المزارع فانه يتم بيعها باعتبارها سماد عضوى وقرابة (85%) من المزارع تقوم ببيع ال(manura) والتي توفر نسبة كبيرة من السماد العضوي الذي يحتاجه النبات .
*الأثر البيئي!!*
وجود مزارع حيوانات في المناطق السكنية له الكثير من الآثار البيئية السالبة لذا كان لابد من معرفة المعالجات التي يمكن وضعها للحد من هذه المشكلة وتحدث الينا د.طارق حمدنا الله (خبير بيئي) مشيرآ الى ان هناك مزارع حيوانات داخل المنطقة الحضرية والمفترض ان تكون خارج المنطقة الحضرية بان يتم ترحيل هذه المزارع الى مواقع جديدة بأسس علمية حديثة لاننا ندرك المخاطر التي تنطوي على وجود المزارع في الأحياء السكنية ، كما يجب عمل دراسات علمية عن مخلفات الدواجن وكيفية التخلص منها لان استخدام المحارق البلدية يؤدي الى مشاكل بيئية وروائح كريهة ، ولابد من وضع خطة للتخلص من النفايات بطرق علمية سليمة بايجاد محارق بمواصفات لا تؤدي الى انبعاث الروائح لان الرياح في بعض المواسم خاصة الخريف تساعد على نشر هذه الروائح وحملها الى المناطق السكنية المجاورة للمزارع ولابد من عمل دراسة الأثر البيئي عند انشاء المزارع باعتبارها منشآت خدمية ويجب ان تكون خارج المنطقة السكنية ومطابقة للمواصفات البيئية ، ويمكن القول ان المشكلة الاساسية في هذه المزارع عدم التخلص السريع من النفايات ، ويمكن ان يتم نقل النفايات بالطرق السليمة بعمل تعاقد مع الهيئة الاشرافية للنظافة بولاية الخرطوم للتخلص من تلك النفايات .
التعليقات مغلقة.