عمر حسن السيد يكتب: اتحاد عمال الكويت.. حضور في الموعد
تمرّ السنين، وتتعاقب الأجيال، وتتبدل الأحوال، وتتغير الأسماء وتُستحدث المسميات، لكن روح الاتحاد العام لعمال الكويت تظل ثابتة، تمضي نحو عامها الستين بذات العطاء والمواقف الصلبة، حاضرة في كل محفل، ورايتها مرفوعة في كل موسم.
يمضي الزمان، وتبقى روح الاتحاد تجسيدًا لسر قوته، وإرثه، وتقاليده، عبر منظومة متماسكة تعكس تلك الروح النبيلة. وفي زحمة الحياة، وتضارب المصالح، وتراكم الجراح في قلوب السودانيين، بعث الاتحاد العام لعمال الكويت خطاب شجب وإدانة للجرائم الفظيعة التي ترتكبها مليشيات الدعم السريع في الفاشر وما جاورها، مقدماً مواساته لنظيره السوداني، في أول بادرة تضامنية رسمية من جهة عمالية خارج السودان.
إنه موقف يليق باتحاد عريق تأسس على الحق، ومحاربة الظلم، ونصرة الإنصاف. فالكويت ستظل بلد الإنسانية، وبلد المحبة، والخير باقٍ فيها إلى يوم القيامة، محفوظ ببركة من أسسوها على العدل، وبنوها بالمحبة والنوايا الصادقة، ومن يحكمونها اليوم بالرشاد والحكمة. هذا البلد سيظل بخير طالما الرحمة ديدن أهله.
السودانيون لم ولن ينسوا ما قامت به الكويت منذ اندلاع الحرب. فقد كنتُ شاهد عيان على الجسر الجوي الذي لم ينقطع، دعماً غير مشروط، بتوجيهات كريمة ومباشرة من صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة – حفظه الله –. إنه موقف لا يدرك أثره إلا من اختبر ثقل الظروف.
الكويت، تلك البلاد التي ترسخت صورتها في مخيالنا منذ الطفولة، عبر حكايات آبائنا في البيوت، وشربنا محبتها من أقاصيص المدرسين وخواطرهم. ثم رأينا أمراءها، بهيئاتهم وأسمائهم، ينزلون مطار الخرطوم، يسلكون طرقاته، يتفقدون الناس، ويقفون على قسوة الطبيعة في أطراف السودان، سواء في التصحر أو السيول.
لقد كانت الكويت الأعلى كعبًا في عقدي السبعينيات والثمانينيات، ولا تزال كذلك حتى يومنا هذا. وصفحات التاريخ تزخر بشواهد على ما يجمع البلدين الشقيقين من روابط مودة ممتدة منذ الأزمنة المنقضية، حين بُنيت العلاقات السودانية الكويتية على أسس صلبة، قبل أن تأخذ طابعها الرسمي والدبلوماسي التقليدي، منذ اللقاء التاريخي الذي جمع الشيخ صباح السالم – رحمه الله – والرئيس جعفر نميري – رحمه الله – في الخرطوم عام 1975، ليكون ذلك اللقاء حجر الأساس لعلاقة قوية واستراتيجية ترسم معالم المستقبل المشرق بين البلدين.
فشكرًا للكويت، شعبًا وأميرًا وحكومة، وشكرًا للاتحاد العام لعمال الكويت، الذي ظل وفيًا لمبادئه، ثابتًا في مواقفه، حاضرًا في أصعب المواقف.

التعليقات مغلقة.