الحائز على براءة الإختراع من المسجل العام للملكية الفكرية في حوار مختلف.. غريب الله حامد: أخذت براءة الإختراع في العام 1984 والآن أعمل في المنزل فقط..
الخرطوم: نفاج نيوز
“البوتقة” إناء لصهر المعادن ومعظم الناس لا يعلمون معناها..
رفضت مبلغ 400.000من بنك لتمويل أعمالي..
من حسن حظنا كسودانيين يُوجد لدينا الكثير من المبدعين في كل المجالات منهم من وجد الفرصة والمساحة وأعلن نفسه ومنهم من لم يجد الفرصة وهؤلاء الذين لم تتاح لهم الفرصة كُثر، ولكن الأمر يكمن في عدم الإستسلام والسعي دائماً نحو الأفضل مهما كانت المرحلة العمرية، فالإبداع والتعليم ليس مرهوناً بعمر محدد فقط.
لدينا الكثير من المبدعين في الأعمال الفنية والحرفية والصناعية لكن لضعف الإمكانيات والظروف الإقتصادية والسياسية وغيرها من العوائق التي ظلت تُلاحق البلاد من فترة ليست بالقصيرة هي السبب الذي جعل المبدعين يركنون أفكارهم الجيدة دائماً.
في سانحة مختلفة إلتقت صحيفة التيار بأحد الحِرفيين المبدعين القدامى و هو المواطن غريب الله حامد الذي يعمل بالمنطقة الصناعية منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، والحاصل على براءة الإختراع من المسجل العام للملكية الفكرية لوزارة العدل في العام 1984م و كان الإختراع هو “فُرن صهر معادن يعمل من غير البوتقة” سنتعرف أكثر على تفاصيل الإختراع من خلال الحوار الآتي:
حوار: أحمد سراج
عرفنا بك؟ أنا المواطن غريب الله حامد على من أبناء الدويم و أقيم في أمدرمان.
حدثنا عن عملك؟
أنا مُصنع قطع غيار من الخرد، التلمذة الصناعية الخرطوم جنوب عام1971م و كانت عبارة عن ورش ميكانيكية و كانت كبيرة جداً، وتعتبر مدارس صناعية لكن الآن دُمرت، وخلت المنطقة الصناعية لتصنيع قطع الغيار، وذهبت إلى مدينة بورتسودان لعمل أول مسبك في مدينة بورتسودان وحدث ذلك، بعدها عُدت إلى الخرطوم وبعد إختراع أول فرن يعمل بدون البوتقة تم تكليفي بالذهاب إلى مدينة الحصاحيصا للقيام بصيانة الحاصدات ومصناع التصنيع الزراعي ومعاصر الزيوت ومصانع الدقيق تصنيع قطع غيار لها، إلى أن تم تدمير مشروع الجزيرة، بعد ذلك عدت مرة أخرى إلى ولاية الخرطوم وبدأت في تصنيع قطع غيار أجزاء بعض السيارات مثل أيادي السيارات بالأخص سيارات الأجرة لأن أياديها تتكسر مع الإستعمال الكثير لذلك أصنعها من مادة الألمنيوم، و الآن أعمل في تصنيع قطع غيار لبعض الشحانات لأن إمكانياتي لم تسمح، و الآن أعمل في المنزل فقط الأشياء التي تحتاج للخراطة أذهب للمنطقة الصناعية لأن هنالك الأدوات متاحة أكثر والمساحة أكبر.
حدثنا عن فكرة الإختراع؟
أنا في الأصل تعلمت الشغل بأفران البوتقة، فرن أرضي ومحوري و عملت مع أكثر من شخص و في مناطق متعددة أمدرمان والخرطوم جنوب وبحري، وعندما شعرت بأن الأسعار غير منطقية فكرت في عمل هذا الفرن من غير بوتقة وهو نفس الفرن فقط البوتقة التي تعمل على حفظ المعدن لغيتها و أضفت الطوب الحراري و الفكرة نجحت.
ما هو الفرق بين الفرنيين؟
البوتقة تُضع داخل الفرن و البوتقة لها فترة إستهلاكية وأحياناً تتشق البوتقة عندما تُستهلك كثيراً قبل إنتهاء مدتها، لأنها تعمل بالزيت الراجع وأي خلط للزيت بالماء البوتقة يتم إنشقاقها و هي ممتلئة بالحديد، أو تأتي ببوتقة جديدة والمسألة كلها هي تقليل تكلفة الإنتاج، والآن أنا أعمل أي شغل من غير حواجز لأنني ومع إلغاء البوتقة لا أخاف على الفرن من أي شئ، وإذا ذهبت لأي جهة لصهر معدن معين صاحب الفرن يضع سعر عالي تحفظاً على البوتقة، وهُنا يمكن أن أعمل أي شئ و براحة تامة
ويوفر أشياء كثيرة مثل الكهرباء والوقود و الطوب الحراري.
متى أخذت براءة الإختراع؟ حدث ذلك في العام 1984م و السبب كان غلاء أسعار البواتق و البوتقة هي إناء لصهر المعادن و أسعارها ترتفع كل فترة بصورة مستمرة، أخترعت فرن من غير بوتقة ولغيت مسألة البوتقة والفكرة نجحت، وكان الذين يمنحنون براءة الإختراع والملكية الفكرية آنذاك لا يعرفون عن السباكة و الأفران أي شئ و إستعانوا بأحد من المسبك المركزي ليخبرهم عن هذا الأمر وقال لهم أنني تلميذهم وأنه رأى الفرن الذي إخترعته و بالفعل هو من غير بوتقة و هو إختراع ممتاز يوفر علينا قيمة إستهلاك البوتقة لكل المسابك لو الفكرة إتعممت بالإضافة إلى تدريب مزيد من الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال سيكون عملاً جيداً.
أشرح لنا معنى البوتقة بشكل واضح؟
البوتقة هي إناء لصهر المعادن و بالفعل هذه الكلمة معظم الناس لا يعلمون معناها، ولكن مثال لذلك الآن السياسين يقولون (ننصهر في بوتقة واحدة)حتى الذهب يتم صهره في بوتقة و سك العملة و التصنيع الحربي، وهكذا.
من أين تأتي بالمواد التي تحتاجها؟
معظمها من الخُرد و أهم تلك المواد هي الالمونيوم و النحاس وأسعارها رخيصة و أحياناً يتم تصديرها للخارج.
أين هذه المسابك؟ حالياً المسابك مغلقة وعند عقد أول مؤتمر إقتصادي بعد الثورة ،تم الإشارة لأمر المسابك ولذلك لأهميتها لكننا الآن نعمل بخبراتنا فقط، والآن أنا أُصنع قطع غيار و فيها فايدة رغم الصعاب، وإذا ذهبت السوق لإيجار مخرطة سأجد أن هذا الشئ مُكلف ومصاريفه كثيرة لذلك أعمل بالمنزل، وأسوق أعمالي في السوق بأسعار مناسبة لأكسب الزبائن.
حدثنا عن الصعاب التي واجهتك؟
مشكلة الإيجار والكهرباء والحمدلله أنني كنت خارج البلاد وأتيت بمبلغ يغطي لي هذه الإحتياجات التي أحتاجها و بفضل الله نجح الأمر، وبدأت تنفيذ الفكرة من أمدرمان ومع المشاكل والتحديات عند الشغل وبعد مرور شهر إستطعت من تصهير المعدن، وأول عمل كان قطع غيار عربة نيسان”لوري”
هل تمتلك مقر أو دكان لعرض قطع الغيار؟
لا أنا أعمل بالمنزل وأعرض أعمالي في السوق المحلي الخرطوم و المنطقة الصناعية و سباق الخيل، أنا من يصنع ويسوق معظم مهامي أنجزها لوحدي، وأعرف تجار إسبيرات وأحيانا آخذ الإسبير الأصلي للتعرف عليه و أعمل نسخة منه.
ما هي رؤيتك المستقبلية لتطوير هذا العمل؟
بالفعل أريد أن أطور هذا العمل، أولاً مقر دائم و تثبيت الفرن بناءه وأن يكون لدي دكان أو متجر لأعرض هذه المنتجات، و أستهدف السيارات الصغيرة و صنع أيادي من ألمونيوم للأبواب الأربعة داخلياً و خارجياً، و لدي فكرة عمل “بستم”عربية وحاصدات التي صنعتها في الجزيرة و توجد لدي قائمة لأنواع الإسبيرات و أشكالها، بالإضافة لمعاصر الزيوت.
هل فكرت في أن تطلب تمويل؟
نعم، وذهبت و طلبت ذلك و الملف معي الآن،و قدمت طلب لوزارة الصناعة حالياً ووجهوني لمدير بنك التنمية الصناعية في العمارات وتم تحويلي لقسم التمويل الأصغر وصدقوا لي مبلغ 400.000ألف ورفضت هذا المبلغ لأنه لن يجدي وقليل، لأنني أحتاج عمل ورشة للتصنيع بشكل مريح وأفضل، وتوسيع عملها حدادة وخراطة وسباكة إضافة لذلك يمكن لطلاب الصناعة أن يتدربوا في هذه الورشة وتوسيع العمل داخلها وتطويرها.
هل قُدمت لك عروض للعمل مع أي أخرى ذات صلة؟
نعم و لكن رأس المال ضعيف و”جبان”، وأريد أن أضيف في هذه النقطة على أنني ذهبت إلى عميد كلية الهندسة جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا لأقول له أنني علمت بأن المسبك متوقف وأريد أن أساعد في التصليح، وللأسف لم اجد تجاوب”
وللعلم أن جامعة السودان بها مسبك و ورشة خراطة و هي تفتح على الشارع وإقترحت لهم أن يكون هنالك معرض وكل هذه الإقتراحات الهدف منها التكاتف لتطوير هذا المجال فقط، وأنا لست باحثاً عن المال أو الشهرة فقط أريد أن أكون خير معين لهؤلاء الطلاب فقط.
هل ذهبت للشركات ذات الصلة وقدمت لهم أعمالك؟
بالتأكيد ذهبت لأي شركة أعلمها ولكن للأسف لم أجد قبول.
هل سوقت أعمالك عن طريق وسائط التواصل الإجتماعي؟
لا لم أجد أحداً ليسوق لي قطع الغيار فقط أعتمد على السوق والمنطقة الصناعية والمعارف.
ما هي آخر تجربة؟
حدثنا عن التجارب المعدنية عن طريق الفرن؟
التجربة التي كانت في بورتسودان و آخر تجربة كانت في منطقة الرميلة على البحر و هي عبارة عن فرن كان يوجد في سك العملة و تم تلجينه، تحصل عليه أحد الأشخاص و إستدعاني وقال لي أنه أتى بحجر من جنوب كردفان و به نسبة نحاس وعملت التجربة من غير البوتقة، بعد تصهير الحجر النسبة كانت 20%ويحتاج إلى مواد للترسيب أكثر وأكثر.
العوائق التي تواجهك؟
التمويل و قطعة أرض ولدي بعض المعينات ولكن أحتاج المزيد.
لديك رسالة تريد أن توجهها للمبدعين أو لأي أحد في هذا المجال؟
هيا لننهض بهذه البلاد إلى الأمام.
التعليقات مغلقة.