دروس استبدال العملة وعلاج الكي ب*كسلا*

 

لاشك ان تجربة استبدال العملة التي اجرتها الدولة في هذا التوقيت الصعيب الذي تمر به البلاد كان لها العديد من الإفرازات السالبة ومع ذلك لم تخلو من الايجابيات المتمثلة في مكافحة العملة المزورة التي غزت الاقتصاد السوداني وكادت أن تتسبب في انهيار كامل للجنيه أمام العملات الأخرى، ولعل من أكبر الايجابيات التغيير الذي ظهر في ثقافة المواطن والباعة الجائلين نحو التعامل بالتطبيقات البنكية بدلا من الإصرار على (الكاش) السيولة .

مادفعني لهذه المقدمة حالة الجفاف الشديد الذي ضرب مواطني كسلا بسبب شح الكاش وبات كل من تصادفه تجده يبحث عن الكاش للدرجة التي حفزت المتعاملين في التحويلات البنكية لرفع نسبة الاستبدال أمام الكاش إلى 10% بحجة شح الكاش في البنوك وصفوف الانتظار الطويلة.

ورغم هذا التجفيف العام في الكاش الذي أظنه *متعمدا* من الجهات الرسمية لدفع المواطنين للتعامل بالتطبيقات البنكية، رغم هذا؛ ظهر الضوء الذي أرادته الدولة في آخر النفق من خلال تغيير ثقافة قطاع عريض من صغار التجار للتعامل بالتطبيقات.

كنت اتجول أمس في سوق كسلا الكبير برفقة الزميل الدكتور منصور، كان يبحث عن شراء أشياء صغيرة للمنزل (جبنات وخلافه) وكنت انا كالعادة أبحث عن الكاش واتفقنا على أن يتولى شخصي مهمة التحويل لصغار التجار والباعة الجائلين مقابل الكاش الذي يحمله، ولفت انتباهي أن كافة الباعة الذين تعاملنا معهم كانوا يكتبون أرقام حساباتهم البنكية على أوراق لمدها للزبون الذي يرغب في التحويل بدلا عن الكاش، وكانوا يدققون معي كثيرا في كتابة مبالغ التحويل، سالت أحدهم هل كنت تتعامل مع هذا التطبيق منذ زمن طويل قال بالحرف الواحد (منذ ايام فقط الناس ما عندها كاش وبقولوا دايرين تحويل) بينما قال جاره (لو ما الشبكة بتطش لما تجي تتحاسب مع الزبون ماعندنا مشكلة نعتمد على التطبيقات).

إذا نجد أن سياسة الدولة لتغيير ثقافة المواطن نحو التعامل الرقمي حققت اختراقا كبيرا، ولكن هذا لن يعزز الثقة في التعامل مع التطبيقات إلا بتحسين شبكة الانترنت وحل مشكلة التحويلات بين البنوك (إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع).

التعليقات مغلقة.